Saturday, August 31, 2013

الثورة المصرية (5) – حالة الثورة و حالة الدولة ...المسؤولية

مرحبا...

نصل اليوم الى المكون الاخير من مكونات الاختيار...وهو المسؤولية...وهو نهاية هذه السلسة من القالات التي هي بعنوان (حالة الثورة وحالة الدولة)...وهو يتصل اتصالا وثيقا بمجريات الاحداث المتلاحقة في مصر الثورة هذه الايام...
والمقصود ب(المسؤولية) هو الادراك الكامل لتبعات اختيار ما والقدرة على تحمل نتائجه كاملة...
وبدون استدعاء اي من القناعات المختلفة...وبالتركيز على الوضع الداخلى  (دون التطرق الى البعد الخارجي هذه المرة)...فان في مصر اليوم و عقب الحدث العظيم في 30-يونيو-2013 الى ثلاثة فرق:

الفريق الاول: هو الفريق الؤيد لما حدث منذ 30-يونيو-2013 و تداعياته...
الفريق الثاني: هو الفريق الرافض لما حدث منذ 30-يونيو-2013 وتداعياته...
الفريق الثالث: هو الفريق المترقب و المراقب لكل من الطرفين...

ولانني لا اريد استدعاء اي قناعات...ولان هذه السطور ليست تحليلا للشأن الجاري...ولان هذا ليس مقام عرض لقناعاتي الشخصية...فلن اتطرق –في هذا المقام- لابداء دفوع او تقديم حجج...
لكن الذي يعنيني في هذا المقام هو مفهوم المسؤولية لدى كل من الفرق الثلاثة...وذلك بصرف النظر عن اوزانهم النسبية في المجتمع المصري...

ولكي نستوضح هذا المفهوم –بعد ان عرفناه- نسوق لكل من الاطراف الثلاثة اسئلة مفتوحة....

للفريق الاول...اذا كنت حقا مسؤولا:
ماذا كنت ستفعل لو لم ينحز اليك الجيش و الشرطة؟
ماذا كنت ستفعل لو كنت انت من في السلطة ثم ثار عليك الشعب كما حدث في 30-يونيو؟
ماذا كنت ستفعل لو لم تنزل الملايين الى الشوارع و كانت حساباتك خاطئة؟
ماذا لو كنت انت الذي تم فض اعتصامه بالقوة وسقط منه قتلى؟

للفريق الثاني ...اذا كنت حقا مسؤولا:
ماذا كان سيحدث لمصر لو ان الغرب استجاب لدعوات نجدتك بالتدخل عسكريا في مصر؟
كيف تقبل –وانت تقول انك على الحق- بقتل الجنود او المواطنين من غير المسيسين دون ان تدين القتل؟
كيف تقبل توعد المسيحيين حتى وان كانوا لا يريدونك في السلطة و هم جزء من المواطنين؟
كيف تستعدي العالم على بلدك مصر ثم تتوقع ان يقبلك المصريون؟
لماذا تخلى حلفاؤك التقليديين في الداخل المصري عنك وانحازوا الى الفريق الاول؟

للفريق الثالث... اذا كنت حقا مسؤولا:
الى متى ستبقى في موضع (الموقف المتعاطف) ومتى ستتخذ (الموقف العقلاني)؟
الى متى ستظل تحت وطأة الابتزاز بالصور او بالدماء من كلا الفريقين؟
الى متى ستبقى في وضع (المصفق) لمن ينتصر؟
الى متى ستبقى في موضع الناقد دون ان تقدم بدائل لوطنك؟

ولقارئ هذه السطور ايا كان موقعه من الفرق الثلاثة اقول..

ان عليك بعد ان استوفيت عناصر الاختيار الثلاثة الاولى (المعرفة-الحرية- البدائل) ان تستوفي ذلك المكون الرابع الا وهو (المسؤولية) وسوف تدرك ساعتها اذا كان (اختيارك) اختيارا حقيقيا كاملا ام انه اختيار وهمي منقوص تحركه دوافع عاطفية او مبدأية او سياسية او مصالحية او جهل او ...او ...

و بالطبع فاني في هذا المقام لا اهدف الى تغيير قناعات احد....لكني اهدف الى ان يكون اختيار كل من الاطراف الثلاثة اختيارا حقيقيا كاملا يستطيع في سبيله ان يضحي...دون ان يكون ضحية او أضحية ....

وختاما –وكعادتي- اسوق من التاريخ ما فيه عبرة وتفكر وتدبر...

"بعد وفاة النبي –ص- وفي خلافة سيدنا عثمان بن عفان (رئيس شرعي) ثار قوم من مصر (ثورة على حاكم شرعي) وكان بينهم عبد الرحمن بن ابي بكر الصديق رضي الله عنهم...ثم حاصروا بيته وقتلوه فيه هو وزوجته السيدة نائلة...ثم تولى علي بن ابي طالب رضي الله عنه امور المسلمين (رئيس شرعي)...فاذا بالسيدة عائشة (ام المؤمنين) و سيدنا معاوية بن ابي سفيان (كاتب الوحي) يثوران عليه في ويحاربانه (ثورة على حاكم شرعي) وانتصر سيدنا علي عليهما الى ان حدثت واقعة التحكيم وانتهت بخلع على بن ابي طالب وتثبيت معاوية (خلع حاكم شرعي/انقلاب) وانقسمت الامة بين فريق اول (موالين للثورة/الانقلاب) و فريق ثان (مؤيدين للشرعية /شيعة) وفريق ثالث (معتزلين للفتنة/مراقبين) وشرذمة من التكفيريين (الخوارج/جهاديين) قتلو عليا رضي الله عنه...ثم تولى امر المسلمين معاوية بن ابي سفيان (الثورة/الانقلاب) فحكم بالدولة وليس بالدين وانشأ نظام الموالي ونظام ولاية العهد (بعد ان كانت كأسنان المشط وبعد ان كانت شورى)...ثم قتل معاوية الحسن بن علي بعد ان تنازل له الحسن عن السلطة كما تذكر بعض الروايات ثم تولى امر المسلمين يزيد ابن معاوية الذي قتل الحسين بن علي واستباح المدينة النورة واهلها اللذين ناصروا الحسين بن علي ثلاثة ايام (فض اعتصام رابعة) في موقعة الحرة...ثم تولى امر المسلمين عبد الملك بن مروان الذي استعمل الحجاج بن يوسف الثقفي (معلم القران) في قتل عبد الله بن الزبير (ابن السيدة اسماء ذات النطاقين وبنت ابي بكر الصديق) وهدم اجزاء من الكعبة في حصاره لمكة بالمنجنيق وعلقه فوق الكعبة ثلاثة ايام...ومنذ ذلك الحين استقرت الدولة وعادت حركة الفتوحات الاسلامية التي توقفت منذ تولي عثمان بن عفان رضي الله عنه..."

والى الاسئلة المفتوحة مرة اخرى...

·         هل يحق للشيعة بموجب هذه الوقائع ان يصفوا اهل السنة بالانقلابيين؟
·         اذا كان التقاء المسلمين بسيفيهما يدخلهما النار...فما هو حكم كل من قتلى فريق على وفريق عائشة وفريق معاوية؟
·         كيف كان سيكون موقف العرب المسلمين لوكانت القوى الخارجية (الروم او الفرس) قادرين على التدخل كما في هذه الايام (اوروبا او امريكا او اسرائيل)؟
·         هل الخلافة هنا في هذه الحالة شرعية ...بمعنى هل امارة المتغلب تجب امارة ما بويع له..؟
·         باستثناء القصاص من قتلة الحسين رضي الله عنه...هل حدث القصاص لاي من قتلى اي فريق؟
·         كيف تأتى للصحابة ان يقاتلوا و يقتلو يعضهم بعضا؟
·         من الذي قتل سيدنا (عمار بن ياسر)؟
·         هل خدم الحجاج الاسلام ام خذله؟
·         هل انتشر الاسلام خلال هذه الفتنة وازداد نفوذه و سلطانه على الارض ام بعدها؟

الى قارء هذه السطور...
تذكر وانت تجيب على تلك الاسئلة ان تكون مسؤولا لكي يكون اختيارك حقيقيا....حتى لا تتخبط مصر في الطريق بين حالة الثورة وحالة الدولة....